د. عبد الله تركماني - العرب وثقافة حقوق الإنسان في عالم متغير
(الواقع والطموحات في سورية)
سطور عن المؤلف
د. عبد الله تركماني، كاتب ومفكر سوري وباحث في الشؤون السياسية، حاصل على دبلوم دراسات معمّقة في التاريخ العربي المعاصر من جامعة الجزائر عام 1979م وعلى الدكتوراه في التاريخ المعاصر من جامعة تونس عام 2001م، يعمل حالياً كباحث في مركز حرمون للدراسات المعاصرة، له العديد من المؤلفات المستقلة والمشتركة. صدرت له الأعمال التالية:
- مقاربة أولية لأهم الحقائق التي أكدها العدوان على العراق (1992)
- مقاربات حول قضايا التنمية والديمقراطية وحقوق الإنسان في الوطن العربي (1995)
- الأحزاب الشيوعية في المشرق العربي والمسألة القومية من العشرينيات إلى حرب الخليج الثانية (2002)
- الفضاء العربي وتفاعلاته في التاريخ المعاصر (2006) طبع في دار الأهالي بدمشق.
- تعاظم الدور الإقليمي لتركيا (2010) طبع في دار نقوش تونسية.
- مقدمات ربيع الثورات العربية ومآلاته (2017)، طبع في دار نون
- أنماط من بناء الدولة القومية في التاريخ الحديث (2020) طبع في دار إي-كتب في لندن.
هذا الكتاب
في الذكرى الخامسة والسبعين لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يجدر التأكيد على كونية وشمولية هذه الحقوق، فكونية حقوق الإنسان تعني أنّ تبلور هذه الحقوق أو تضمينها في الشرعة العالمية هو ثمرة لكفاح الإنسانية عبر التاريخ في مواجهة جميع أشكال الظلم، ونتاج لتلاقح وتفاعل الثقافات الكبرى عبر الزمان، بما في ذلك الحضارة العربية – الإسلامية، كما تعني أيضاً أنه لا يجوز استثناء أحد، في أية منطقة أو في أي نظام ثقافي، من التمتع بهذه الحقوق، فهي كونية لأنها ترتبط بمعنى الإنسان ذاته وبغض النظر عن أي اعتبار.
لقد مثّل صدوره (10 ديسمبر/كانون الأول 1948) لحظةً تاريخيةً وتأسيسيةً في تطور المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، فقد كان بمثابة صحوة ضمير كونية، في ظل ما خلّفته الحربان العالميتان، الأولى والثانية، من مآسٍ وويلات، وفي الوقت نفسه، جسّد تطلع الإنسانية إلى أفقٍ جديدٍ، يُصان فيه السلم والأمن الدوليان، انسجاماً مع ميثاق الأمم المتحدة، حديث العهد آنذاك.
ولكن، في الوقت الذي تبلورت فيه منظومة حقوق الإنسان، فإنّ الواقع الملموس يكشف عن هوة واسعة بين هذا التبلور النظري، وبين الصعوبات والعراقيل المناهضة لهذه الحقوق. فقد كانت المجموعة الدولية شاهدة خلال السنوات الأخيرة على حقيقة أنّ حماية كرامة الإنسان وحرمته الجسدية والمعنوية مرتهنة إلى حد بعيد بأولويات السياسة الدولية.
ولعلَّ الكارثة السورية التي لم يشهد العالم مثيلاً لها منذ الحرب العالمية الثانية، طبقاً لتوصيف هيئة الأمم المتحدة، أبرز دليل على حجم الانتهاكات، التي وصلت إلى مستوى انتهاكات ضد الإنسانية، بعد أن استخدم النظام السوري الكيماوي ضد شعبه، وكذلك البراميل المتفجرة التي كانت تُلقى بشكل عشوائي على المدنيين في الأسواق الشعبية والأحياء السكنية والمستشفيات والمدارس.
ومن أجل ذلك تناولنا أغلب القضايا التي يثيرها موضوع الكتاب: حقوق الإنسان في عالم متغيّر، العرب وثقافة حقوق الإنسان، واقع حقوق الإنسان في سورية، حقوق الإنسان في سورية بعد التغيير.
مقتطف
محتويات الكتاب
الإهداء. 6
مقدمة. 7
الفصل الأول: حقوق الإنسان في عالم متغيّر.. 10
حقوق الإنسان معيار لقياس تقدم الدول. 12
أهم التحديات التي تواجه تفعيل مواثيق حقوق الإنسان. 12
منظورات السياسة الدولية لحقوق الإنسان. 15
دور المجتمع المدني العالمي في تعزيز ثقافة حقوق الإنسان. 15
في ضرورة احترام الدول لتوقيعها على معاهدات الشرعة العالمية لحقوق الإنسان 16
في أهمية التقارير الدورية للدول عن حالة حقوق الإنسان فيها 17
الفصل الثاني: العرب وثقافة حقوق الإنسان. 21
(1) - حقوق الإنسان في كتابات مفكري عصر النهضة العربية الحديثة 21
ضعف شرعية أغلب الحكومات العربية. 38
واقع حقوق الإنسان العربي في التقارير الإقليمية والدولية. 41
(2) - معوّقات تطور نظرية وممارسة حقوق الإنسان في العالم العربي 41
(3) - العنف الجنسي والقائم على نوع الجنس وبعض أشكاله في العالم العربي 49
الطابع الاحتفالي لجامعة الدول العربية في الميثاق العربي لحقوق الإنسان 53
(4)- مقدمات ربيع الثورات العربية. 53
لماذا الثورات الآن في العالم العربي؟ 55
ملامح المستقبل العربي. 60
الانتقال الديمقراطي ليس مضموناً 60
الفصل الثالث: واقع حقوق الإنسان في سورية (*) 62
- أهم مضامين الشرعة العالمية لحقوق الإنسان. 64
خلاصات أهم التقارير والدراسات السابقة عن انتهاكات حقوق الإنسان في سورية المعاصرة 71
فلسفة النظام تجاه حقوق الإنسان قبل الحراك الشعبي سنة 2011. 85
التحديات والصعوبات التي واجهت حركة حقوق الإنسان (1963 – 2011) 88
- انتهاكات النظام وحلفائه ومعارضيه لحقوق الإنسان السوري منذ سنة 2011 96
عطالة مجلس الأمن الدولي تجاه انتهاكات حقوق الإنسان في سورية. 109
في ضرورة التدخل الإنساني لإنقاذ الشعب السوري.. 116
الفصل الرابع: حقوق الإنسان في سورية بعد التغيير.. 121
(1) السيناريوهات السياسية المحتملة في سورية ووضعية حقوق الإنسان في كل منها 121
أهم معوّقات حقوق الإنسان في سورية الجديدة 126
كيفيات ضمان حقوق الإنسان في سورية الجديدة 131
(2) مرتكزات العدالة الانتقالية في سورية بعد التغيير.. 137
أهم انتهاكات حقوق الإنسان خلال سنوات الثورة السورية. 140
التعريف بمفهوم العدالة الانتقالية. 144
أهم الدروس المستخلصة من تجارب العدالة الانتقالية. 148
أهداف العدالة الانتقالية في سورية بعد التغيير. 154
كيفيات تطبيق آليات العدالة الانتقالية في سورية المستقبل. 161
(3) المسألة الكردية في سورية بدلالة مفهوم "حق الشعوب في تقرير المصير" 171
عن ظهور مصطلح "الأقليات" في سياق تفكك الإمبراطوريات.. 172
واقع المسألة الكردية في سورية وآفاقها 176
أهم المخاطر المحدقة بوحدة سورية وكيفيات التعاطي المجدي معها 186
خاتمة. 194
العرب وثقافة حقوق الإنسان في عالم متغيّر (الواقع والطموحات في سورية)
زكريا ملاحفجي
مجلة الوعي السوري
أبريل 14, 2024
تناول كاتب الدكتور عبد الله تركماني (قراءة في كتاب: العرب وثقافة حقوق الإنسان في عالم متغيّر(الواقع والطموحات في سورية) موضوعا مهما جداً في سورية والعالم العربي، وهي ثقافة حقوق الإنسان كثقافة وتطبيق لاسيما انتهاكها الصارخ في سورية، وغياب المفهوم في الوعي الاجتماعي، وقد باتت حقوق الإنسان هي معيار لتقدم الدول.
فتحدث الكاتب عن العرب وثقافة حقوق الإنسان لاسيما كتابات مفكري عصر النهضة الكواكبي ومحمد عبده وخير الدين التونسي وغيرهم. فالكواكبي الذي ربط بين الأسس النابعة من وجود العرب كجماعة لها لغتها وتاريخها وأخلاقياتها المشتركة، وبين المضمون السياسي التحرري الذي يجب أن تتحلى به الدولة التي ستجمعهم، أو الحقوق السياسية التي
يجب أن تتوفر لهم عموماً.
وكلام الكواكبي وهو أحد أبرز المصلحين الإسلاميين أيضاً حين قال: يجب على الخاصة منّا أن يعلّم العامة التمييز بين الدين والدولة لأن هذا التمييز أصبح من أعظم مقتضيات الزمان والمكان الذي نحن فيهما. وقواعد الكواكبي الثلاث:
1 - الاستبداد يُقاوم بالحكمة والتدرج
2 - قبل مقاومة الاستبداد يجب تهيئة البديل
3 - الأمة التي لا يشعر أكثرها بآلام الاستبداد لا تستحق الحرية
وتحدث الكاتب عن الميثاق العربي لحقوق الإنسان، هو ذو طابع احتفالي فقط في جامعة الدول العربية، وعن مدى تبنى الدول العربية المواثيق الدولية في قوانينها الداخلية. والشكل الواضح لغياب حقوق الإنسان في عموم العالم العربي، كانت نتيجته هي الثورات العربية. ثم تحدث الكاتب بإسهاب مفيد عن واقع حقوق الإنسان في سورية والانتهاكات الكبيرة والتقارير الدولية قبل
وبعد 2011م.
وعن المحاولات الحقوقية التي سعت للتشكيل وتسليط الضوء على حقوق الإنسان وإغلاق النظام أي منظمة وطنية تُعنى بذلك، وعن خذلان المجتمع الدولي للشعب السوري، ونكرانه لمبادئ الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، وتنصله من واجباته في حماية المدنيين السوريين من الموت والدمار في البراميل المتفجرة والسلاح الكيماوي المحرّم دولياً، إضافة إلى معاناة اللاجئين، جعلهم يدركون أن حقوق الإنسان السوري أضحت موضوعاً في السياسات الإقليمية والدولية، وتحول إلى صراع أطراف دولية على الأراضي السورية.
والحديث عن المنظمات الحقوقية الدولية وتقرير هيومن رايتس ووتش عن انتهاكات حقوق الإنسان في سورية الذي أصدرته بعنوان ((لا مجال للتنفس)) وتقارير منظمة العفو الدولية والتي تحدثت عن صور التعذيب للسجناء السياسيين والرأي والمحاكم الميدانية والأحكام العرفية وقانون الطوارئ وعن 38 نوع تعذيب على الأقل في السجون الأمنية.
والتقارير الصارخة التي تتحدث عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وعن 222 مرة استخدم النظام السلاح الكيماوي وأولها في الغوطة حيث قُتل 1144 شخص، وعن أكثر من 82 ألف برميل متفجر استخدم في سورية منذ 2012 لا تزيد تكلفة البرميل عن 100 دولار للبرميل الواحد فلم تحظَ مبادئ حقوق الإنسان في سورية بأي اهتمام على الاطلاق ففلسفة النظام تجاه حقوق الإنسان تأسست على أحادية السلطة واختزال مؤسسات الحكم بشخص رأس النظام. ثم الحديث عن المشكلة الكردية، وتكمن مشكلة الكرد في أنهم يقيسون حياتهم ومستقبلهم في سورية من خلال معيار وحيد، وهو تجربتهم السيئة مع نظام البعث وحكم الطغمة الأسدية خلال نصف القرن المنصرم، معتبرين تلك الفترة تعبر عن تاريخ سورية ومستقبلها.
والحديث عن وحدة القوى العربية والكردية ضرورة لنيل حقوقهم كاملة من الاستبداد وضرورة بلورة عقد وطني جديد، وهذا يستدعي أن يتناول الحل السياسي القادم المسائل الأساسية كافة، التي تهم جميع المكونات السورية، مع توفير الضمانات لإنجاحه وتثبيت نتائجه وحماية هذه النتائج.
وأن التوزع الجغرافي للمكونات السورية وعدم توفر وحدة الأرض لأي منها لا تسمح بموضوع الأقاليم، وإنما مشروع اللامركزية الإدارية الجغرافية سيكون مساهم بوقف النزيف السوري، وبناء مستقبل سورية الغد.
وقد ولّد المفهوم الأوربي مصطلح أقلية وجرى وضعها في قلب الألاعيب والمراهنات الدولية والإقليمية، فهي ليست مسألة أقليات، بل هي ألاعيب جيوبوليتيكية جارية منذ تعميم نموذج الدولة الأمة في القرن التاسع عشر، تقوّض الأسس التاريخية لمجتمعات ذات هوية مركّبة، فتم تمزيق المجتمعات المشرقية تحت حجة حماية
الأقليات القومية والدينية.
وتحدث الكاتب عن العدالة الانتقالية وآلياتها ومنها: آليات قضائية لملاحقة مرتكبي الجرائم الخطرة ومحاكمتهم، وآليات غير قضائية داعمة للآليات القضائية ومكملة لها، كلجان تقصي الحقائق وجبر الضرر وتعويض الضحايا، وإصلاح المؤسسات، وإحياء ذكرى الضحايا وغيرها من إرساء الثقة وتبييض السجون من معتقلي الرأي، وإصلاح الأجهزة الأمنية وتغيير وظيفتها من أمن النظام إلى أمن الشعب.
والحديث عن أمثلة من التجارب الإفريقية تجربة راواندا حيث شكّلت لجان للتحقيق في الانتهاكات وإعادة الاعتبار للضحايا وتقديم تعويضات مالية إليهم، وإصلاح سياسي وأمني وتشريعي لتجاوز الانتهاكات في المستقبل وإعادة الاعتبار إلى الضحايا وغيرها من الإجراءات.
وتحدث الكاتب عن هيئة المصالحة والإنصاف في المغرب التي أنشئت في 2003م، والتي سعت إلى رد الاعتبار إلى ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وطي صفحات مؤلمة من تاريخ المغرب وتوفير شروط لتحول ديمقراطي.
كما يحوي الكتاب الكثير من الفوائد التي تعين المناضلين من أجل الديمقراطية والحرية في الواقع السوري الذي يعيش أعقد صراع في الشرق الأوسط ولعلّ الخلاص يكون قريباً لبناء سورية جديدة على قواعد وطنية قائمة على العدل والمساواة والديمقراطية وإنصاف المظلومين ورد الاعتبار لهم، لتبدأ سورية جديدة وحياة جديدة للسوريين.
زكريا ملاحفجي