هذا الكتاب

يسرد هذا الكتاب قصة الشعبوية وكيف تمددت في مختلف أرجاء العالم، ويحدد معالمها وأسبابها وأطرها الفكرية، ويخصص قسما لهذه الظاهرة في تونس.

تقوم فكرة الكتاب على تعريف الشعبوية كمنظومة سياسية وبناء خطابي واتصالي جدير بالفهم والتبسيط ورفع الالتباسات والدوكسات Doxas والأفكار السائدة والعفوية التي لا تخلو أحيانا من التحيّز و"الكسل" الفكري. هذا الفهم سيكون لجانبين مهمين تنبني عليهما السردية الشعبوية وهما الخصائص النظرية والتجارب العمليّة للحركات الشعبوية الحديثة والمعاصرة. وبالتالي فإن الكتاب هو بمثابة محاولة جديّة وعميقة لفكّ رموز المنظومة الشعبوية الشائكة أمام القارئ التونسي والعربي.

إن الإشكاليات التي يطرحها الكتاب والغموض الذي يحيط بفهم الماهيّة الأصليّة أو الجوهر الحقيقي للشّعبوية من داخل سرديّتها الخطابيّة في سياقات تاريخية وجغرافية وسياسية وحضارية متفاوتة ومختلفة، وفي البيئات الاجتماعية التي نشأت فيها، ومن بينها تونس التي تمثّل نموذجا فريدا لظهور الحركات الشعبويّة وتنوع أغراضها وخلفيّاتها واستراتيجياتها، كانت أسبابا جيّدة لخوض تجربة تحرير هذا المؤلّف ومحاولة تقديم إجابة عميقة وثريّة وشاملة لفهم المسائل التي تطرحها الشعبويّة وخصوصياتها التي تتمايز بها عن باقي الايديولوجيات والأحزاب السياسية السائدة (أحزاب الحكم).

الغموض، كما يقول المؤلف، ليس وحده الذي يصعّب مهمّة فهم الشعبوية، بل الانتقادات الكثيرة و"المتعالية" التي وجّهت إليها في العقود الأخيرة إثر وصولها للسلطة أو من خلال تموقعها المؤثر في المعارضة، هي في حدّ ذاتها تشكّل تحدّ مربك لكل من يسعى لفهم هذه الظاهرة السياسية.

مقتطف