آمنة أحمد - لن تغيروا قدري - الجزء الثاني

هذا الكتاب

لن تغيّروا قدَرِي" عبارةٌ تُلقي بألوانها المضيئةِ على النفوسِ المهيضة، والقلوب المحطّمة لتنهضَ بها مجدّدًا كلّما أثخنتها الجراح، وضجّت بمساحاتِ الألم ومشاعرِ الحزنِ والخوف.. قالها أحدُ أساتذة القانون وأعلام القضاءِ في جامعة دمشق، وهو يسترجعُ ذكرياتِه من بين أنقاض مؤامرةٍ دنيئةٍ حِيكتْ لقتلهِ وتفريقه عن حبٍّ اقتحمَ حياتَه عنوةً، ضمن أسوأ فترةٍ زمنيةٍ جمعتْ تناقضاتِ الحرب؛ ليشرحَ له الفرقَ بين الأسودِ وبقيّة الألوان، وبين أن تعيشَ خريفَ الحبّ، أو أنْ تستحيلَ بوجودهِ فصولاً لا تنتهي: صيفًا، خريفًا، شتاء، وربيعًا.

لم يتخيّل رائد ولو في أحلامهِ أن يكسرَ الوطنُ شراعَه، ثمَّ يرغمهُ على الإبحار في ثَبجِ صراعٍ مريرٍ ما بين الحبِّ واستقامتهِ، والواجبِ وتبعاتهِ، ولم يكنْ قبلَ ذلك يعرفُ كيفَ تسلبكَ ترّهاتُ الحياة أعزَّ ما لديك، وكيف تُضرَبُ بسيفِ الباطل وأنت تمدُّ يديكَ لانتشالِ صديقِ عمرك من براثن الظّلم والقهر؟

وكلّما حاولتَ البقاء على قيد الحياة يشدّكَ اليأسَُ إلى أحضانهِ بوحشيّة مفرطة، فيأتي العشقُ ذاته ليجذبكَ نحوه من جديد، تتنوّع ظروفه وألوانه دون أن تختلفَ حدودُهُ وظلالهُ، لكنْ في زمنٍ أكثر هدوءًا، وفي مكانٍ ينأى بكَ عن عروبتكَ لتعيشهُ بتفاصيلهِ ومواقفهِ وبداياتهِ التي رسمها القدرُ في طريقكَ مرتين.. وما بين الحبِّ والحرب حالاتٌ من الضياعِ النفسيّ، والغضبِ المتعطّشِ للانعتاقِ من قسوةِ الحرب، يعيشها أبطال الرّواية.. تقوم على تناقضاتِ واقعٍ فرضتهُ رحى الحرب الدّائرةِ في سوريا، وانهيارٍ لكثيرٍ من المثلِ والمبادئ، وتداعياتٍ تجبرُهم دائمًا على الوقوفِ أمام خيارين أحلاهما مرّ: الأهلُ أو الوطن، الموت أو الحياة، البقاء أو الرّحيل، الحبّ أو الصَّداقة، الخيانة أو الوفاء، وأسوأ الخيارات أن تَقتلَ أو تُقتَل وكلُّ ما حولكَ يدفعكَ إلى طريقٍ مسدودةٍ مجهولة النهاية. 

المؤلفة