د. طه حسب الله ملاسي - الحياة حقيقة عابرة

هذا الكتاب

ظاهرة الشعر ظاهرة غريبة حقا. فجاءة وبلا مقدمات وانا في الإسكندرية وعمري حوالي 18 سنة، وانا أسير في الطريق، وبلا مقدمات اطل على شيطان الشعر كما يقول العرب. والغريب كانت القصائد تولد مرة واحدة، كاملة في دقائق سواء كانت عن الحب أو السياسة مع انى لم أكن أفكر فيها أو موضوعها كأنها أرسلت من عالم أخر.  وتكون (محفوظة) في ذاكرتي مباشرة كأنها منحوتة في الصخر. اليس هذا غريبا؟ الظاهرة وان كانت تعتبر طبيعية في كل المجتمعات، وكل العالم وعلى مر العصور وتحدث كل يوم، لم يتوقف العلم ليحللها ويعرف مصدرها! وحتى الإن كطبيب نفسي لم أجد لها تفسير علمي مرضى.  ولماذا يكتب البعض من الشعراء شعرا كالذهب واللؤلؤ، جميل كالطيور والموسيقى والأحلام، أو كالحراب والسيوف والقنابل الحارقة؟

والدي شاعر منذ الصغر ويكتب الشعر السياسى فهل ورثت كتابة الشعر عنه، اى انه الشعر يورث فى الجينات الوراثية، وفى عقل الأنسان وخلاياة مثل طول القامة أو لون العيون أو البشرة أو مرض السكرى؟  لا أدري؟ ولم أكن أقرأ كتب الشعر بصفة خاصة في ذلك الوقت؟ ولم أريد أو ارغب كتابة الشعر أو أكون شاعرا.  ولم أحاول الجلوس والتفكير لتحضير نفسي للكتابة في موضوع معين أو قضية معينة، ولم أحب إن ابذل مجهود فيه؟ ولكنه اطل بدون مقدمات وفى أوقات غريبه وتظهر الكلمات كاملة! أكيد كان الشعر يتبع تلك العاطفة الجياشة التي تتقلب في صدر وعقل الأنسان في (اللا وعى) ربما بسبب (موقف معين) يقوم العقل الباطن بوضع الموضوع في تلك الكلمات التي نسميها شعر، وتسبب الدهشة؟ 

مقتطف