د. طه حسب الله ملاسي - رحلتي مع الفن والحياة

هذا الكتاب

لكل إنسان قصة فريدة مهما كان هذا الإنسان، ومن الواجب ان تكتب هذه القصص لمن يأتون بعدنا من أطباء وقراء. كانت فكرتي هي الكتابة عن الفن خاصة لعرض أفكاري ورسومي وتجربتي في الحياة للناس. لكن من الصعب الفصل بين الفن وحياتي كانسان، لان لوحاتي مستمدة من أحداث حياتي بحلوها ومرها.

عملي كطبيب أخذني في رحلة رائعة في أرجاء السودان والعالم. عملت في مصر وشمال وغرب وجنوب السودان والكويت وإنجلترا وزرت المانيا والبرازيل وماليزيا. عشت وتعايشت مع ثقافات كثيرة وتأقلمت معها وتعلمت منها ولعلني دفعت بعض الدين الذي عليّ لبلادي وأهلها الطيبين.

خدمت كطبيب في مناطق نائية في سوداننا الحبيب ألهمتني بجمالها وطبيعتها الساحرة وطيبة أهلها. وأعتقد أنه لا أحد يستطيع أن يحب السودان من قلبه إن لم يتجول في أقاليمه المترامية المتعددة الثقافات والأجناس واللغات ويعيش بين سكانه الطيبين الرائعين ويستمتع بفنونهم وطبولهم ورقصهم وغنائهم وبالطبيعة المتنوعة الجميلة التي يعيشون فيها.

وأيضا شاهدت الفقر وموت الأطفال، ورأيت الخدمات الطبية وكثيرا من جوانب الحياة تتدهور سريعا. كنا نتجه إلى كارثة اقتصادية وسياسية، ولكن لم يكن هناك وعى بالمشكلة في وقتها ولم يكن هناك تخطيط للمستقبل.

ولدت في بورتسودان في شرق السودان. وعشت حياة طيبة مع أهلي وكنت احضر نفسي لحياة هادئة بعد تخرجي من كلية الطب. لكن الحياة بحرا هائجا يأتي بما لا تشتهى السفن.

سريعا اكتشفت ان الإنسان في أفريقيا وعالمنا الثالث حياته في كف عفريت. نحن نعيش في عالم تسيطر عليه قوى كبرى استعمارية ممثلة في أمريكا وإنجلترا وفرنسا وروسيا تتاجر بالحروب وبحياتنا وتتصارع على مصادر الثروة والبترول في بلادنا ونحن الضحية في النهاية.

مقتطف